المعاني الحضارية للصيام
انتقلنا إلى المعاني الحضارية للصيام فنجدها كثيرة،
ولو استثمر المسلمون هذه المعاني، وجعلوها نبراسا ومنهجا لحياتهم، لتغيرت أحوالنا،
ولكُنا قبلة الناس في مشارق الأرض ومغاربها.. ففي الوقت الذي يتباهى فيه الغرب بقيمه
الدافعة للتقدم من احترام الوقت والنظام والإتقان.. إلخ، نلحظ أن هذه القيم إسلامية
أصيلة أخذها الغرب عنا، فطبقها بمنهج الإسلام؛ فكان له ما كان من تقدم ورقي وازدهار،
ولما تغافلنا عنها أمسينا إلى ما نحن عليه الآن من تراجع حضاري... إلخ. وصدق أحد العلماء
حين قال: في الغرب إسلام عملي، وفي بلاد المسلمين إسلام قولي
فما أحوجنا نحن المسلمين إلى فهم
منهج الله وفهم مقاصد التشريع فهما عميقا ودقيقا، فهما ينقلنا من مرحلة التراجع الحضاري
ومن مرحلة الاستلاب الحضاري إلى مرحلة النهضة والتقدم.. فالصيام فيه ما فيه من قيم
حضارية بانية يمكن –بتمثلها- أن تنقلنا نقلة نوعية كبرى إلى الأمام.. ذلك أنه يعود
المسلمين على النظام، ودقة المواعيد، والبعد عن العشوائية، احترام قيمة الوقت، وممارسة
فن إدارته على أحسن وجه.. وفيه إعلان لمبدأ وحدة المسلمين في الصوم والفطور والعيد...
إلخ
يحدثنا الدكتور نبيل السمالوطي أستاذ
الاجتماع والعميد الأسبق لكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر عن تلك المعاني، فيقول:
إن للصيام معاني حضارية مهمة نحن في أمس الحاجة إليها في هذا العصر العجيب، الذي تنتشر
فيه المشكلات وتزداد فيه التحديات على كافة المستويات، وتتمثل هذه المعاني فيما يلي
أولا: الامتثال لأوامر الخالق العظيم
وطاعته، سواء علمنا الحكمة من هذا الامتثال أم لم نعلمها
ثانيا: ضبط شهوات الإنسان وملذاته،
ومن ثم فالقدرة على التحكم في الذات والتدريب عليها وممارستها تعد من أهم القيم الحضارية
ثالثا: تتجلى هذه المعاني الحضارية
في وحدة المسلمين، وأنهم جميعا يصومون شهرا واحدا لرب واحد
رابعا: ومن مظاهر الصيام الحضارية
ضبط صحة الإنسان من خلال الصوم، فكبار الأطباء في الغرب ينصحون مرضاهم بالصيام الإسلامي،
ويؤكدون بأن هذا النوع من الصيام يساعد الجسم على إعادة نفسه وبناء خلاياه التالفة
من جديد
خامسا: أنه يعلم الإنسان الدقة واحترام
الوقت، وتنظيم وترتيب واستثمار عنصر الزمن في الأكل والشرب والعبادة والشهوات.... إلخ؛
وهو ما ينعكس على حياته كلها، وبالجملة فالصيام فيه تعويد للإنسان على الدقة في الالتزام
بمواقيت دقيقة ثم ينعكس على حياة الأسرة ثم على حياة جماهير المسلمين
سادسا: الاكتفاء الذاتي والاكتفاء
بالقليل من الطعام والشراب، وعدم الإسراف، وهذه المعاني تعد من أسمى المعاني الحضارية
للصيام، ذلك أن الإنسان حينما يجوع يشعر بجوع الآخرين، لأن جوعه اختياري، أم الفقراء
فإن جوعهم إجباري، ومن ثم فإنه يحنو عليهم، ويتلمس رضا الله في كفالتهم والعطف عليهم
---------
* المدير التنفيذي لرابطة الجامعات الإسلامية – عضو اتحاد كُتَّاب
مصر.
** المصدر: جريدة المصريون
تعليقات
إرسال تعليق