الألوان في الإدارة والتعليم والإعلام. …
اختيار وتنسيق / عبدالتواب
عثمان بقلم
دكتور/ عبدالرحمن توفيق
للألوان في كل جوانب الحياة معان
مختلفة، فلكل منها أثره على الناظرين إليه، ولكل منها سبب ولو تلقائي لاختياره. وقد
لا نعرف لماذا نحب هذا اللون أو نفضله ولكننا نظل نفضله دون أن ندري السبب. وعدم معرفتنا
السبب أحيانا لا يعني أن اللون قد فقد معناه أو سقط منه سهواَ .
يستخدم عالم الأزياء والموضة اللون
للدلالة على قيم معنوية رمزية، والألوان بالحاسبات الآلية بدأت بأربعمائة لون وانتهت
إلى ما يقارب المليونين للاختيار من بينها. وحيرة اختيار تحديد اللون تجعلنا نطلق عليها
ألوانا من طعامنا .. كالزيتوني والليموني والبرتقالي والبصلي، ونطلق اللون الأسود على
المآسي والمصائب والأخبار السيئة والقلب الحاقد ونطلق اللون الأبيض على الحلال والخير
والنهار واليوم السعيد.
واختيار ألوان أعلام الدول له معان،
وكذلك ألوان شعارات ورموز الشركات والمنظمات المحلية والعالمية، فإن للون معنى.. فشعار
جامعة الدول العربية ( أخضر ) وشعار الأمم المتحدة ( الأزرق الفاتح ) والدبلوماسيون
يلتزمون بالملابس الداكنة من درجات الرمادي والأزرق والأسود ولا يلبسون الألوان الفاتحة
أو البني الغامق.. فهناك من يقول أنك لو ارتديت لونا بنيا غامقا فلن يسمعك أحد سوى
الله، والسجناء يرتدون عند الإعدام زيا أحمر اللون ( برغم أن الدماء جفت في عروقهم
) ، والسجينات يرتدين ملابس بيضاء مثلهن في ذلك كمثل ملائكة الرحمة والعرائس.. كما
لو أن اللون الأبيض هو في النهاية تعبير عن النقاء والصفاء والراحة للجميع، وكانوا
يطلقون على مستشفى الأمراض العقلية ( السرايا الحمراء ) للونها الأحمر وبعد تجديدها
أصبحت ( السرايا الصفراء ) أيضا للونها الجديد.
ويعد اللون محددا للحالة النفسية
والمزاجية التى نعيشها.
فنحن نرتدي اللون الأسود في حالات
الوفاة تعبيرا عن الحزن والأسي.. ونرتديه أيضا في ليلة العمر تعبيرا عن قمة الذوق والأناقة،
وتعبيرا عن الحالة مزاجية لنا أو لمن فرضوه علينا واللون الأخضر الذي يميز الدولار
هو لون خاص يصعب تقليده واللون التركوازي للخرطوش الملكي والأيقونات الفرعونية ما زال
سرا بعيدا عن متناول أمهر الصناع والحرفيين.
فلماذا كل هذه الألوان ؟ وما معنى
تفضيلنا للون على آخر ؟ وهل يمكن استثمار سيكولوجية الألوان في التأثير على عيون مشاهدي
التليفزيون وعلى عقول الأطفال في مدارسنا ؟ ولماذا تتجه ملابس المذيعات بالمحطات الفضائية
العالمية إلى الألوان غير المزركشة التى لا يتجاوز عددها اللونين والإكسسوارات المتناهية
البساطة حتى لا تكاد ترى؟
إن اللون هو استراتيجية إثارة الإنتباه
والتأثير على مردود الرسالة الإعلامية، والتعليمية، والمناخ العام، ومكان العمل، وحتى
على ذوق وانفعالات الرأي العام.
فألوان طلاء الفصول وقاعات الاجتماعات
وحتى واجهات المباني وحوائط الأنفاق وأسوار الكباري لها دلالة وتأثير على المشاهدين
لها.
ولعل أكثر المجالات تأثرا باللون
هي مجالات التعليم والإعلام والعمل، بل أن بعض الباحثين من المهتمين بالعملية التعليمية
يؤكد أن الألوان تؤثر في عملية التعليم وخصوصا إذا كان اللون مرتبطا بأداء بعض العمليات
الذهنية أو اليدوية، كما أن من المتفق عليه أن تأثير الألوان على تعليم الأطفال أكبر
من تأثيرها على البالغين. والمتعلمون الذين يستخدمون مواد دراسية ملونة يجيبون على
الاختبارات بشكل أفضل من الذين يستخدمون مواد تدريبية غير ملونة، وارتداء الألوان الداكنة
لدى مقدمي البرامج التعليمية يزيد من حاجز المكانة بينهم وبين الطلبة.
ويفضل استخدام الألوان الباهتة للمساحات
الكبيرة كاللافتات بينما تؤدي الألوان البراقة إلى خلق تأثير مبهر للبصر قد يؤدي إلى
صعوبة قراءة الكلمات، ومن ناحية أخرى فإن الطباعة على أرضية غير واضحة تؤدي إلى صعوبة
القراءة.
كذلك يعد مجال التدريب والتعليم
والإدارة من أكثر المجالات تأثرا بالألوان فيجب على المدرب أن يختار ملابسه طبقا لطبيعة
العلاقة التي يرغب في أن يقيمها مع المتدربين فالبدلة المصنوعة من القماش الأزرق الداكن
أو الأسود أو الأسود المقلم تعطي انطباعا بالرسمية والقوة .. فالمدرب القصير أو المرأة
التى ترغب في أن تظهر في صورة قوية يمكنهما أن يستمدا المزيد من القوة باستخدامهما
للملابس الداكنة الألوان، أما إذا كانت المرأة ترغب في أن تبدو في صورة المقبولة اجتماعيا
وإعلاميا فيجب أن تتجنب استخدام الماكياج الزائد وجميع الأصباغ الحمراء وأن تركز في
ملابسها على استخدام الألوان الزرقاء والرمادية والألوان البنية الفاتحة.
إن ( اختيار لوشر ) للألوان في ترتيب
وإعادة ترتيب ثماني بطاقات ملونة: هي الرمادي والأزرق والأخضر والأحمر والأصفر والبنفسجي
والبني والأسود بنفس الترتيب السابق يمكننا من أن نأخذ فكرة سريعة عن نتيجة الاختبار
من خلال اللون الأول الذي يقوم الفرد باختياره.
وتمثل المعلومات التالية بعض الصفات
الرئيسية التى يمدنا بها اختبار لوشر للألوان بناء على اختيار اللون الأول، فأول لون
يقع عليه الاختيار يبين الخصائص التى تجذب الشخص الذي اختار اللون إلا أنه ليس من الضرورة
أن تتوافر هذه الخصائص في هذا الشخص:
: 1-الرمادي
وسطي هامشي، حدي ، لا هو متميز ولا
موضوعي ، ولا هو واضح ولا غامض ، ولا هو عصبي ولا هو حليم، غير متعاون، يتعرض للإهانة
والضغط ،لابد من توجيهه حتى يشارك في العمل ،كتوم .
2-الأزرق : هادئ ، حليم ، يقوم بتعويض
ما فاته، يشعر بالأمان ، قنوع، مطمئن، لديه انتماء منتمى عاطفي مولع بالتفكير والتأمل
، مولع بالإنجاز ، يميل إلى الجنس الآخر.
3-الأخضر : لديه استعداد للتوتر،
عنيد ، صارم ، قياسي ، متوازن ، مقاوم للتغيير، لديه وعي ذاتي ، لديه حب التملك ، مغرور
ومعجب بنفسه، لديه القدرة على التحكم في نفسه ، دقيق ويهتم بالتفاصيل، واضح في عرض
أفكاره.
4-الأحمر : لديه رغبة قوية في الإنجاز ، الرغبة في النجاح ،
شهيته مفتوحة يتمتع بقدر كبير من الخبرة، لديه
الحيوية والنشاط، القوة، محب للرياضة يحب المنافسة، مندفع عاطفيا يحب المغامرة، يهتم
بالحاضر.
5-الأصفر : يميل إلى تقديم الاقتراحات،
غير مرح، حليم، هادئ، يشترى أشياء غالية الثمن، يميل إلى الإسهاب، يتخفف من الأعباء
، جاد ، مثير، هوائي، غير ناضج، يستعد ثم يبدأ ، متفائل ، متطور.
6-البنفسجي : لا يحب التوضيح . سواء
صراحة أو ضمنا، يميل إلى الغموض، يفي بما يعد به، متردد ، غير ناضج، لا يشعر بالمسئولية،
لديه قصور فطري ( طبيعي ) ، يهتم بالخصوصية ، يحس بعدم الأمان العاطفي
7-البني : لديه مشاعر وأحاسيس ،
يميل إلى لمس الأشياء المادية، الأمان، يميل للمأوي والبيت، الأمان العائلي، اجتماعي
، سهل التجانس.
8-الأسود : الخمول والبلادة واللامبالاة، الرفض لكل شئ ، نكران
الجميل، عنيد، دائم الاحتجاج والاعتراض، ساخط على الظروف والواقع.
أعظم ما كتبه العلامة ( دي بونو)
وركز فيها على قضيتين : أسلوب القبعات الست:
الأولى : أن طريقة تفكير معظم المديرين
تكون في مضمونها إما متماشية مع الآخرين أو مجرد ردود أفعال تجاه الآخرين، والثانية
: أن معظم تفاعلات المديرين إما أن تكون تنافسية أو عدائية… بمعنى أن كلا منهم يحاول
فرض الحل الذي يراه على الآخرين إن الآداة الكفيلة يجعل التفاعل يتسم بالتعاون هي طريقة
قبعات التفكير الملونة وتمثل جهات النظر المختلفة للقضية محل النقاش ، لذا سنفترض في
اجتماع ما أن هناك ستة أفرد يقوم كل واحد منهم بأداء آراء وعرض معلومات معينة تؤدي
في النهاية إلى تكوين خريطة للقضية التى يدرسونها وهذه القبعات الست موزعة كالآتي:
القبعة البيضاء : الحيدة والموضوعية
القبعة الحمراء : المشاعر والأحاسيس
القبعة الصفراء : الإيجابية والبناء
القبعة السوداء : المعارضة والنقد
القبعة الخضراء : الإبداع
القبعة الزرقاء : المراقبة والإدارة
وهي القبعات التى يفضل كل منا ارتداء
إحداها أو بعضها في حياته الاجتماعية أو يفضل بعض ضيوف البرامج أو المعلمين والأساتذة
والمديرين التمسك بها وأخطرها جميعا القبعة السوداء التى لا يتوقف صاحبها عن التعبير
عن غضبه ونقمته وتقليده من شأن الآخرين واعتراضه على كل ما حوله وإهداره لكرامة من
هم أقل منه وتقليله لشأن من هم أرقى منه.
الحياة ألوان، وللألوان معان تؤثر
على الحالة المزاجية العامة لشعب بأكمله، فجو الشتاء والغيوم السوداء في لندن قد تشع
إحساسا بالكآبة، ومناخ الدول الإسكندنافية يدفعهم إلى تفضيل الألوان الصارخة الحادة
في ملابسهم ومنازلهم وسياراتهم ليبعثوا في حياتهم دفئا وحرارة، وغلالة التراب الرمادية
فوق القاهرة وسحابة دخانها الموسمي يعكران صفو ومزاج أهلها وسائحيها، وأغلفة الكتب
المدرسية الصماء تعكر ذهن الطالب والأستاذ معا.
كما يقسم علماء تحليل الشخصية الإدارية
والقيادية القادة حسب تفضيلات ألوانهم إلى تسعة أنماط، ويأتي هذا التحليل ضمن أحد أهم
أدوات قياس النمط القيادي ويطلق عليها تحليل انينجرام الذي يحلل مختلف جوانب الشخصية
ومن بينها ( الألوان ) أما الأنماط الشخصية التسعة وألوانها المفضلة فهي : المتقنون
ويفضلون اللون الأبيض ، والمعتنون ولونهم الوردي والمنجزون ويفضلون اللون الأخضر أما
المبدعون والخلاقون فلونهم المفضل هو البنفسجي ويأتي بعد ذلك الملاحظون والمتأملون
بلونهم الرمادي، والشخصيات الاجتماعية بلونهم البني، والمبتهجون بلون الشمس الأصفر،
والمتحدون بلونهم الأحمر، وفي النهاية المتقبلون التابعون بلونهم الأزرق الهادئ.
نحن في أشد الحاجة إلى دراسة ألوان
التعليم عندنا : وأقصد هنا ألوان طلاء الفصول والمدارس والأوراق والكتب وإعطاء
مزيد من الاهتمام لألوان أغلفة الكتاب المدرسي ومعرفة أكثرها تأثيرا على التعلم من
الناحية الإيجابية لنخلف نوعا من التجانس والمنهجية في ألوان مدارسنا .. فلا تكون شديدة
التنميط ولا تكون كذلك متناهية التضاد والاختلاف.
كما أننا في أشد الحاجة إلى الاتفاق
على أصول وقواعد الزي لمن يتعاملون مع أجهزة الإعلام من خلال إطار محدد يجدر عدم الخروج
عليه أو عنه.. مثلا: الألوان السادة غير المزركشة، أن لا يزيد عدد الألوان عن لونين،
التقليل من الإكسسوارات اللامعة، وذلك حتى ينجذب المشاهد لشخصية الإعلامي أكثر من تشتته
في نواحي شكلية
ونحن أيضا في أشد الحاجة إلى أن
تمتد موافقة الجهات المحلية إلى ألوان المباني والجهات ودراسة دلالة ألوان الكباري
والمحال وتزيين الأنفاق.
وأخيرا … نحن في أشد الحاجة إلى
مراجعة ألوان نماذجنا الإدارية ومستنداتنا وقاعات الاجتماعات والمتاحف والتدريب والقاعات
العامة وإلى أي مدى تعطي إحساسا بالملل وتبعث على النوم أو توحي بالحيوية والحياة وتبعث
على النشاط وذلك حتى نعرف لماذا ينام الطالب أو المتدرب أو الموظف أثناء العمل ولماذا
ينام عضو المؤتمر أثناء جلساته الساخنة.
قد تكون الألوان الهادئة المريحة
الناعمة أم تكون الستائر المخملية ذات الألوان الداكنة هي مبعث الملل لأنها تعطي إحساسا
بلا نهائية الزمن ( وهذا هو سر اختيار النوادي الليلية والملاهي لألوانها التى تشعر
مرتاديها بأن الليل بلا نهاية ) ويثير هذا الإحساس الملل الذي يبعث على النوم.
تعليقات
إرسال تعليق